غربة الشباب
إلى أين؟
عباس سبتي
هناك فواصلُ كبيرة
بين عالَم الشباب وعالم الكبار والآباء خاصة،
وقد زادت هذه الفواصلُ في عصر التكنولوجيا والفضائيات التي جعلت العالم عبارةً
عن قرية صغيرة، ما يَحدث في الغرب ينعكِس بالشرق، ويتأثَّر الشباب
أكثر من غيرهم بمتغيِّرات هذا العصر، ويتغرَّبون عن مجتمعاتهم وأصالتهم حتى
أصبح الشاب مسلمًا بالاسم فقط، وشعرت جميع الدول بغُربة الشباب
ووضعت البرامج لتقريب أو إزالة الفواصل بين عالَمَي الشباب
والكبار، خاصة في الدول العربية والإسلامية.
فقد قامت إحدى الدول الخليجية بإقامة ندوة
عنوانها (الحوار والتسامح)، وتهدف إلى تنمية مهارات الحوار لدى الشباب
المسلم، بالإضافة إلى ترسيخ قِيم الإخاء والتسامح والتعايش مع الآخرين، وغرْس
الأخلاق والفضائل الإسلامية، وحِفظًا لأوقات الشباب
من الضياع، وحماية لهم من الوقوع فريسة للأفكار المُنحرِفة، وشغلاً لهم فيما
يُفيدهم ومجتمعهم الذي يعيشون فيه، ويُفهَم من هذا أن مؤثِّرات الغربة قد طالت
نوعية الأكل والملبس وغيرها من العادات الغريبة عن المجتمعات العربية المسلمة،
كذا ظهرت غربة الأفكار التي همَّشتْ فئة الشباب
وجعلته لا يعيش واقعه؛ بل يعيش الأوهام في عالم الخيال، وهذه الغربة أخطرُ من
غربة الملبس والمأكل والعادات الغربية، ذلك أن انحرافَ الجانب الخلقي قد يستقيم
أسهل من تغيير الأفكار التي تساعد على عُزْلة المسلم، وتعطّل قواه الإرشادية
والتسامحية.
مثلما نريد أن يكون
شبابنا قوة داعمة لمجتمعاتنا، ويُسهِم في إزالة
جوانب الفساد الذي عمَّ عالمَ الشباب والكبار،
كذلك أن يكون الشباب بفكره ينطلِق من منطلقات:
وشاوِرهم في الأمر، والاستماع إلى الرأي الآخر، وطرْح ثوابت الإسلام عن الإنسان
والحياة والكون.
لا نريد
شبابَنا ينظر إلى المسلمين كما ينظر إلى غيرهم
بعين واحدة، وإذا اختلَف المسلم مع المسلم، فإن هناك قواسِم مشتركة ومتحدة ينظر
لها قبل أن ينظر إلى جوانب الخلاف، وإذا اختلف الشاب المسلم مع غير المسلم فهو
يُبيِّن جوانب التسامح ويعكس صورة الإسلام الذي يريد خير البشرية، والشواهد
كثيرة في تاريخ الإسلام، وإذا كان حديث: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا
فطوبى للغرباء"؛ صحيحًا، لكن ليس لها علاقة بغُرْبة الشباب
اليوم، الغربة تعني انسلاخ الفرد عن لُحمة الإسلام؛ ليصبح الفرد المسلم يحمل
تصوُّرات غريبة عن مبادئ الدين الحنيف.
|
- Blogger Comment
- Facebook Comment
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات:
إرسال تعليق