إلا رسول الله
|
د.عبد المعطي الدالاتي
|
التعصب للأشخاص ذميم ، والتحزّب مرض يصيب العقل ، فيقزّم الإنسان ، ويقتل فيه روح الإبداع والتجديد ..
والمسلم لا يطوف حول الأشخاص ، وإنما حول المبادىء والأفكار..
والمسلم يجلّ علماء الإسلام ويستغفر لهم ،ولكنه لا يُسلّم عقله لأحد من العلماء أوالصالحين ..
ولا يسلّمه إلا للمعصوم عليه الصلاة والسلام ، ليقود المعصومُ هذا العقلَ إلى مراشده ..
فكل تقليد تقزيم وجمود ، إلا تقليد السنة ففيه كل التجديد !
وأنا أعجب من مسلم ينتسب إلى أحد غير الرسول ، فيعرّف نفسه مثلا:
الحنبلي مذهباً ، والتيجاني طريقة ، والعربي نسبا ، و... !
ويحك وماذا أبقيت لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ؟
وبأي وجه ستلاقي الحبيب ، تطلب منه شفاعة و شربة ماء؟!
رحم الله علماء الإسلام ، ما أرادوا هذا ..
أرادوها مدارسَ علم وفهم ، لا مذاهب هوى وتعصب ..
وها هو المربي عبد القادرالجيلاني يقول:
" لا أريد من الخلق سوى محمد "..
وكما قال ابن حزم :" كل إنسان ، سوى المبشَّرين ، تُرجى له الجنة ، ويُخشى عليه من النار "..
**
وفي عودة الرسول وأصحابه من غزوة الغابة التي لمع فيها نجم بطلها العدّاءالأول سلمة بن الأكوع .
أردف رسولُ الله عليه الصلاة والسلام سلمة خلفه . ولما لاحت معالم المدينة ،اقترب عدّاء أنصاري من سلمة ، وتحدّاه قائلا:
من يسابق ؟!
لم يرد سلمة ..
الأنصاري : من يسابق ؟
سلمة : أما تُكرم كريماً ، ولا تهاب شريفاً ؟!
الأنصاري : لا .. إلا رسولَ الله ..!
سلمة : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، خلّني فلأسابق الرجل ؟
فأذِنَ له الرسول ..
ترجّل سلمة ولحق به ، وبعد هنيهة ، إذا به يضرب بين كتفي الأنصاري، قائلا: سبقتك والله ..
فضحك الأنصاري وقال : أظنّ !
قرأت القصة في المسندالمبارك ، وعلى هامشها تركت هذه الكلمات:
" إن المسبوق هناهو السابق !
فقد سبق الأنصاريُّ الأمة كلها إذ أعلنها " إلا رسول الله "..
و إن السابق هنا هو المسبوق !
غفر الله لسلمة ..
فلو كنت مكانه لما ترجّلت عن ناقة رسول الله لمسابقة أحد أبدا !"..
***
|
- Blogger Comment
- Facebook Comment
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات:
إرسال تعليق