تربية الشباب على ثقافة التغيير
مقدمة:
يمثل الشباب
في كل أمة عمودها الفقري، وقلبها النابض، ويدها القوية التي تبني وتحمي، ومخزون
طاقتها المتدفق الذي يملأها حيوية ونشاطاً، وهمزة الوصل التي تربط بين الحاضر
والمستقبل، ومن هنا وجبت العناية بهم، والحرص على حسن تربيتهم وإعدادهم.
ويعتبر الشباب
وقوداً لحركات التغيير في كل المجتمعات، لما يتمتعون به من حماسة القلب، وذكاء
العقل، وحب المغامرة والتجديد، والتطلع دائماً إلى كل جديد، والثورة على التبعية
والتقاليد، إلا ما كان ديناً قويماً، أو تراثاً صحيحاً.
ونظراً لما يشهده العصر
الحالي من التغيرات المتسارعة في كل مجالات الحياة، كالثورة المعلوماتية، والتطور
الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والقفزة الهائلة في نظم الاتصالات وفضائيات
الإعلام، وغير ذلك من مظاهر التغير اللامتناهية، مما يسم حياتنا بعدم الثبات
والاستقرار، من هنا وجب علينا أن نربي شبابنا
التربية المرنة التي تعلمهم كيف يتعلمون لا ماذا يتعلمون؟، تربيهم كيف يتعاملون مع
التكنولوجيا الحديثة بقيم الثقافة التليدة، كيف يضعون بصمتهم على الدنيا فيضيفون
ويبدعون، بدل أن يكونوا عالة على أمم الغرب يستهلكون.
ومن هنا جاء هذا البحث
الذي يهدف إلى الوصول لرؤية حول المنهج المطلوب لتربية الشباب
على ثقافة التغيير، حيث سيستخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي لواقع الشباب
الفلسطيني لمعرفة نقاط القوة والضعف والمخاطر والتحديات التي تواجههم، وبعد ذلك
سيطرح الباحث رؤيته التربوية لثقافة التغيير التي يجب تربية الشباب
الفلسطيني عليها.
لذا سيأتي هذا البحث مشتملاً على المحاور التالية:
المحور الأول: الإطار النظري (مقدمة- مشكلة
البحث وتساؤلاته- أهداف البحث- مبرراته- مصطلحات البحث- الدراسات السابقة).
المحور الثاني: واقع الشباب
الفلسطيني (الديمغرافي- التعليمي- الاجتماعي الأخلاقي- الاقتصادي- التكنولوجي)
وضرورة التغيير.
المحور الثالث: الشباب
وثقافة التغيير
المحور الرابع: رؤية مقترحة لتربية الشباب
على ثقافة التغيير(التوصيات).
مشكلة البحث وتساؤلاته:
يأتي هذا البحث للإجابة على السؤال الرئيس:
ما الرؤية للمنهج المطلوب لتربية الشباب
على ثقافة التغيير؟
وللوصول إلى هذه الرؤية لا بد من الإجابة على الأسئلة
الفرعية التالية:
ما واقع الشباب
الفلسطيني ومدى ضرورة التغيير المطلوبة له؟
ما أهمية الشباب
ودور ثقافة التغيير في إعداده لمسئولياته؟
ما معالم الرؤية المقترحة لمنهج تربية الشباب
على ثقافة التغيير؟
أهداف البحث:
يسعى هذا البحث لتحقيق الأهداف التالية:
◘ تشخيص واقع الشباب
الفلسطيني ومدى ضرورة التغيير المطلوبة له.
◘ بيان أهمية الشباب
ودور ثقافة التغيير في إعداده لمسئولياته.
◘ تحديد معالم الرؤية المقترحة لمنهج تربية الشباب
على ثقافة التغيير.
أهمية البحث ومبرراته: تناول هذا
البحث موضوعاً بالغ الأهمية في عصرنا الحاضر، وتتمثل هذه الأهمية في زاويتين هما:
زاوية الشباب وزاوية التغيير، ونظراً لحاجة الأمة
اليوم إلى التغيير نحو الأفضل، ولا تغيير بدون الشباب،
الذين يجب تربيتهم على ثقافة التغيير الإيجابية، كان لا بد من طرح رؤية تربوية
لثقافة التغيير المطلوب تربية الشباب عليها.
كذلك يعتقد الباحث أن ما
كتب في هذا الموضوع قليل جداً على المستوى العربي، ولم يجد شيئاً على المستوى
الفلسطيني- في حدود علم الباحث- مما يعطي أهمية إضافية لهذا البحث.
ويتمنى الباحث أن يستفيد
أهل الاختصاص المسئولون عن الشباب، كوزارة الشباب
والرياضة، ووزارة الثقافة، ووزارة التربية والتعليم العالي، وباقي المؤسسات الأهلية
والدولية المهتمة بشئون الشباب، وكذلك الباحثون في
ميدان الشباب والتغيير من هذا البحث.
منهج البحث: استخدم
الباحث في دراسته المنهج الوصفي التحليلي لتشخيص واقع الشباب
الفلسطيني، ومعرفة التحديات التي تواجهه، والفرص التي يمتلكها لبناء المستقبل، من
أجل الوصول إلى رؤية تربوية لترسيخ ثقافة التغيير لديهم، مما يدفعهم لإحداث نقلة
نوعية في حياة الأمة والمجتمع نحو الأفضل.
حدود الدراسة:
تتمثل حدود هذه الدراسة في الحدود التالية:
الحد الموضوعي: يتناول هذا البحث موضوع تربية
الشباب على ثقافة التغيير.
الحد المكاني: المجتمع الفلسطيني عموماً وقطاع
غزة بشكل خاص.
الحد الزماني: العقد الأول من القرن الحادي
والعشرين (2000-2011)
مصطلحات البحث:
الشباب:
يعرفه الصوفي بأنه" مرحلة القوة والعطاء في حياة
الإنسان، وتنحصر بين العام الخامس عشر والعام الثلاثين من عمر الإنسان"
(الصوفي،2004، 951)، ويعرفه الجعب بأنه " مرحلة قوة بين ضعفين، قوة بين ضعف الطفولة
وضعف الشيخوخة، وهي مرحلة عمرية بين 15-25 سنة كما حددها مؤتمر وزراء الشباب
الأول في جامعة الدول العربية بالقاهرة 1969م انسجاماً مع المفهوم الدولي المتفق
عليه في هذا الشأن، علماً بأن المدى العمرى للشباب
يختلف باختلاف البلدان والمجتمعات.(الجعب،2011،3)
الثقافة: هي النسيج الكلي المعقد من
الأفكار والمعتقدات والعادات والاتجاهات والقيم وأساليب التفكير والعمل وأنماط
السلوك..وتعرف بأنها كل ما يسهم في عمران النفس وتهذيبها لأن من معاني الثقافة
التهذيب.(شحاتة والنجار،2003، 162-163)
ويرى الجعب أن "الثقافة
هي التي تحدد هوية الأفراد وتميز مجتمع ما عن غيره من المجتمعات الأخرى، وهي صفة
وراثية تنتقل من جيل لآخر، مما يؤكد وحدة الأمة، ومن ثم تحدد السلوك الافتراضي الذي
ينبغي سلوكه اتجاه كافة مثيرات الحياة المحيطة، كأنها تمثل بصمة الأصبع التي لا
تتكرر من مجتمع لآخر" (الجعب، 2010، 4).
ثقافة التغيير: يقصد بها الباحث"
منظومة الأفكار والقيم التي تؤسس لبناء اتجاهات إيجابية نحو فهم الواقع المجتمعي
والعمل على تغيير السلوكيات السلبية فيه إلى سلوكيات إيجابية في مختلف ميادين
الحياة بما يحقق رقي المجتمع وسعادته".
الدراسات السابقة:
دراسة الجمل (2009): ملامح
الخطاب التربوي
من خلال
الأحاديث النبوية
الموجهة للشباب
وكيفية الاستفادة منه في تعليمنا الفلسطيني المعاصر:
هدفت الدراسة إلى تحديد
ملامح الخطاب التربوي من خلال الأحاديث النبوية الموجهة للشباب،
وإبراز خصائصه، والكشف عن مجالات التوجيه التربوي للشباب
من خلال الحديث الشريف، ثم بيان أهم أساليب الرسول في تربية الشباب،
وإبراز أهم النماذج الشخصية التي أنتجتها التربية النبوية و أسباب تميزها، ووضع
تصور مقترح للاستفادة من نهج الرسول المعاصر،وقد استخدم الباحث أسلوب تحليل المحتوى
من الناحية الكيفية كأحد تقنيات المنهج الوصفي.
في ضوء نتائج الدراسة
أوصى الباحث بضرورة التزام الخطاب التربوي المعاصر بالمرجعية الإسلامية، وأن يوجه
التربويون خطابهم لكافة الشرائح العمرية في مؤسساتنا التعليمية الخاصة والعامة، و
الخروج من لغة الخطاب الحزبي إلى لغة الخطاب التربوي بما يخدم المصالح العامة
للمجتمع، و التركيز على إعداد وتأهيل وتدريب المعلمين أثناء الخدمة بما يكفل لهم
الإلمام بالواقع ومراعاة التحديات المتنوعة.
دراسة السلوادي (2008): الثقافة والتغيير في العالمين
العربي والإسلامي، تحديات وفرص:
تهدف هذه الدراسة إلى
معالجة موضوع الثقافة والتغيير الحضاري في ظل العولمة التي تعبر عن المركزية
الأوربية في نزوعها الدائب، وسعيها الحثيث إلى تنميط البشر والقيم والمفاهيم وفق
معاييرها الجديدة. ولا يمكن مناقشة العولمة بمعزل عن بعدها الثقافي، ومن هنا تنبع
الإشكالية التي تحاول الدراسة معالجتها، واقتراح الحلول والآليات لانجاز عملية
التغيير والتحديث، واستيعاب مفرداتهما بعد دراسة مظاهر الأزمة التي تمر بها
ثقافتنا.
وقد استخدم الباحث منهجاً
قائماً على الاستقراء والتحليل، وكان من أبرز النتائج التي توصل إليها ضرورة العمل
على وضع استراتيجية للتنمية الشاملة تأخذ في اعتبارها متطلبات التغيير ووسائله في
إطار البعد الثقافي.
دراسة الشنقيطي (1429): الأساليب النبوية لتنمية القيم
الإيمانية لدى الشباب المسلم في ضوء التحديات
المعاصرة:
هدفت الدراسة إلى توضيح
بعض الأساليب التربوية النبوية المؤدية إلى تنمية القيم الإيمانية لدى الشباب
المسلم، واستخدم الباحث المنهج الوصفي الاستنباطي، وتناول في دراسته مفهوم الشباب
وأهميته في الإسلام، وخصائص المرحلة، وأبرز التحديات المعاصرة التي تواجه الشباب،
وكيفية مواجهتها، وصنف القيم الإيمانية المراد تنميتها، وبين الأساليب النبوية
المختارة لتنميتها لدى الشباب المسلم وكيفية
الاستفادة منها في واقعنا المعاصر.
وتوصل الباحث إلى نتائج أهمها: أن السنة
النبوية هي المنهج القويم والأسلوب التربوي الأمثل الذي تربى عليه أصحاب النبي، وأن
تنمية القيم الإيمانية لدى الشباب ضرورة لبناء
الشخصية المتميزة للمسلم.
دراسة العيد (2007) بعنوان: الحاجات الدعوية للشباب:
هدفت الدراسة إلى التعرف
على الحاجات الأساسية للشباب و كيفية مراعاتها في
الدعوة إلى الله.
وتضمنت الدراسة قسمين:
القسم الأول: هو القسم النظري،
والقسم الثاني: هو القسم التطبيقي على عينة
من الشباب الجامعي لعرفة مدى توجهاتهم حول مراعاة
الحاجات الدعوية للشباب، واحتوى القسم النظري على
الحاجات الأساسية للشباب، كالحاجة إلى الصلة بالله
عز وجل، و الحاجة إلى الزواج، و الحاجات الجسمية، و الحاجات العقلية، و الحاجات
الاجتماعية، ثم تناول الباحث كيفية مراعاة الحاجات في الدعوة إلى الله، وأوصى
الباحث بتشجيع الشباب على اكتساب المهارات الجسدية،
و توجيه القدرات العقلية، و إتاحة الفرصة للفتى في التعبير عن ذاته، و الثقة بالشباب
وتوليتهم بعض المسؤوليات.
دراسة علوان (2006): الشباب
المسلم في مواجهة التحديات:
تناولت الدراسة خمس
تحديات تواجه الشباب المسلم، وتتمثل في تحديات
الشيطان والنفس والهوى، تحديات الغزو الفكري، تحديات الانحلال الخلقي، تحديات
الحكومات العلمانية، تحديات التيئيس من العمل الإسلامي، وطرح الكاتب حلولاً لهذه
التحديات؛ فبالتقوى نواجه تحديات النفس والشيطان والهوى، وبالعقيدة والفكر الصحيح
نواجه الغزو الفكري، وبالعفة والتسامح نواجه الانحلال الخلقي، وبإعطاء التصور
الصحيح للإسلام نواجه الحكومات العلمانية، وبالأمل واستشعار المسئولية نواجه
التيئيس من العمل الإسلامي.
دراسة علام (2003) بعنوان: الشباب
المتلقي بين ثقافة العولمة والثقافة العربية؛ رؤية تحليلية:
في ظل الانفتاح الثقافي
الذي تقوده العولمة، وما ينتج عن ذلك من تهديدات للثقافة العربية، من
خلال تقليد الشباب العربي للسلوكيات الغربية في
اللباس والمظهر وغيرها، يطرح السؤال: ما موقف
الشباب العربي من ثقافة العولمة؟ وما مدى اقتناعه
بثقافته العربية، وقدرتها على التعامل مع التداعيات الثقافية للعولمة؟
ويأتي هذا البحث لمناقشة
مفهوم الثقافة وثقافة الشباب، وثقافة العولمة،
والثقافة العربية بين العالمية والتنوع الثقافي،
الثقافة العربية كموروث شعبي يشكل الهوية، رؤى المثقفين العرب حول أوضاع الثقافة
العربية لدى الشباب والسيناريوهات.
دراسة أبو دف والأغا
(2001) بعنوان: التلوث الثقافي لدى
الشباب
في المجتمع
الفلسطيني ودور
التربية في مواجهته:
هدف هذا البحث إلى التعرف
على مستوى التلوث الثقافي لدى الشباب في المجتمع
الفلسطيني من وجهة نظر أعضاء الهيئة التدريسية بالجامعات وعلاقته بمتغيرات (الجنس،
الكلية، ومكان السكن).
كما هدف البحث إلى تحديد
أهم أسباب التلوث الثقافي لدى الشباب في المجتمع
الفلسطيني، علاوة على ذلك سعى البحث إلى وضع صيغة تربوية لمواجهة التلوث الثقافي
والحد منه.
واستخدم الباحثان المنهج
الوصفي التحليلي حيث تبين من نتائج البحث أن نسبة التلوث الثقافي لدى الشباب
في المجتمع الفلسطيني من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بالجامعة قد بلغت 63,15% كما
تبين وجود فروق دالة إحصائيا في تقدير أعضاء هيئة التدريس لمستوى التلوث الثقافي
لدى الشباب الفلسطيني يعزى لمتغير الجنس لصالح
الإناث وذلك في الدرجة الكلية للاستبانة وفي درجة المجال الثالث بينما لم يوجد فروق
دالة إحصائيا في درجات المجالين الأول والثاني، كما تبين من استخدام تحليل التباين
الأحادي وجود فروق دالة إحصائيا لمتغير الكلية وذلك لصالح الكليات الإنسانية على
الدرجة الكلية للاستبانة وكذلك على درجة المجال الثالث بينما لم يوجد فروق دالة
إحصائيا في المجالين الأول والثاني.كذلك تبين عدم وجود فروق دالة إحصائيا تعزى
لمتغير مكان السكن على الدرجة الكلية للاستبانة ولا على أي من المجالات الفرعية.
دراسة الدويش (2001) بعنوان: تربية الشباب
؛ الأهداف والوسائل:
هدفت الدراسة إلى وضع
الإرشادات للمربين من خلال الأهداف والوسائل التربوية، وجاءت الدراسة على شكل كتاب
في سبعة فصول دارت حول الأهداف التربوية وخصائص المرحلة والجانب العلمي العقلي،
والخلقي السلوكي، والاجتماعي النفسي.
دراسة العيد (1994): المنهج النبوي في التربية
الإيمانية للشباب، والاستفادة منه في العصر الحاضر:
هدفت الدراسة إلى بيان
المنهج النبوي في التربية الإيمانية للشباب،
والاستفادة منه في العصر الحاضر، وتناول الباحث هذا المنهج من خلال عدة مباحث منها
مبحث غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب، ومبحث
المتابعة وتقويم الأخطاء، ومبحث تحصين إيمان الشباب،
وأوصى الباحث في نهاية دراسته بمجموعة من التوصيات أهمها: تربية الأبناء على
العقيدة، والاهتمام بالقرآن والقصص والوصايا الإيمانية، وتحذيرهم من الفتن،
والإكثار من العمل الصالح.
دراسة الغالي (1993) بعنوان: الشباب
العربي والممارسة الثقافية المأمولة:
هدفت هذه الدراسة إلى
التعرف على واقع ممارسة الشباب العربي للثقافة، على
اعتبار الأهمية الكبرى التي تحظى بها فئة الشباب
كطاقة غير مفعلة في التنمية المجتمعية، وتناولت الدراسة ثلاث محاور هي: محددات
الممارسة الثقافية لدى الشباب العربي، ومظاهر هذه
الممارسة، وإجراءاتها.
وخرج الباحث بخلاصة
مفادها أن ممارسة الشباب العربي للثقافة ممارسة
ملتبسة في مضامينها ووظائفها وفي توجهاتها وآفاقها، وعليه فقد طرح عدة إجراءات يمكن
ممارستها في ثلاثة أبعاد وهي: عروبة الفكر واللسان، وإعادة النظر في مناهجنا
التعليمية وبرامجنا الثقافية حتى تتساوق مضامينها مع مطامح الشباب،
تحقيق التزاوج بين الماضي والمستقبل في إطار استمرارية خلاقة.
دراسة ضليمي (1412 هـ) بعنوان: تربية الشباب
في الإسلام:
هدفت الدراسة إلى تحديد
الأسس التي يتم تربية الشباب وفق مبادئها، وبيان
الوسائل والأساليب التربوية الإسلامية التي تؤدي إلى إعداد الشباب
القادر على حمل أعباء المسؤولية الملقاة على عاتقه، واستخدم الباحث المنهج الوصفي و
المنهج الاستنباطي، وتوصل إلى نتائج من أهمها: أن التربية عن طريق التنشئة على
التمسك بالعبادة والالتزام بآدابها يعد من أهم الأساليب التربوية الإسلامية، وأن
لأسلوب التوبة من التأثير في تربية الشباب ما ليس
لغيره من الأساليب.
دراسة شبير (1989) بعنوان: مشكلات الشباب
والمنهج الإسلامي في علاجها-دراسة نظرية
وميدانية:
هدفت الدراسة إلى الوصول
إلى تصور عام حول مشكلات الشباب، ومعرفة المنهج
الإسلامي في علاجها، واستخدم الباحث منهج المسح الاجتماعي بطريق العينة، وتناولت
الدراسة النظرية موضوع الشباب في الإسلام،
ومشكلاتهم، ومنهج الإسلام في تربية الشباب ورعايتهم
وعلاج مشكلاتهم.
أما الدراسة الميدانية
فاعتمدت على تحليل استبانة ومقابلات طبقت على الشباب
في المجتمع السعودي، وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج الخاصة بالمشكلات
الاجتماعية كقلة إطلاع الآباء على أسرار الأبناء، والنفسية كالمعاناة من كثرة
السرحان والنسيان، والاقتصادية كعدم وجود مشكلات اقتصادية لدى
شباب العينة، والتعليمية كصعوبة استيعاب بعض المواد
الدراسية، ومشكلات شغل وقت الفراغ، أما بالنسبة لتوصيات الباحث فقد توزعت على
المشكلات السابقة كاهتمام الأسرة بتربية أبنائها على المنهج الإسلامي، وتهيئة فرص
لعمل الشباب، ومراعاة الفروق الفردية في التعليم،
وإنشاء الأندية والمؤسسات التي توظف طاقات الشباب.
دراسة فايد (1986) بعنوان: تربية الشباب
في الفكر الإسلامي والعالمي المعاصر:
هدفت هذه الدراسة إلى
دراسة ثلاثة أنماط لتربية الشباب والمقارنة بينها
وهي النمط الرأسمالي الغربي، والنمط الشيوعي الشرقي، والنمط الإسلامي، وعلى ضوء هذه
الأنماط تعرضت الدراسة لثلاثة مطالب لتربية الشباب،
الأول تنمية شخصية الشباب، والثاني الفروق الفردية
وضرورة مراعاتها في تربية الشباب، والثالث توفير
فرص العلم والعمل للشباب، وتوصل الباحث إلى نتائج
عديدة منها: أن التربية الإسلامية تربية معاصرة، قادرة على استيعاب متطلبات العصر
في تربية الشباب وتوظيف طاقاتهم.
التعليق على الدراسات السابقة:
تتفق الدراسة الحالية مع
الدراسات السابقة في طرح موضوع الشباب كقاسم مشترك
بين تلك الدراسات، رغم أنها تتناول موضوع الشباب
من زوايا مختلفة، فبعضها يتناول مشكلات وحاجات الشباب
وحلولها والتحديات التي تواجهه؛ كدراسة شبير وعلوان والعيد، وبعضها يتناول موضوع
تربية الشباب وتعليمهم؛ كدراسة ضليمي والدويش
والشنقيطي والعيد وفايد والجمل، وبعضها يتناول موضع الشباب
من جانب علاقته بالثقافة كدراسة الغالي وأبو دف والسلوادي وعلام.
كذلك تتفق هذه الدراسة مع
أغلب الدراسات السابقة في استخدام المنهج الوصفي التحليلي، واعتبار
التربية الإسلامية المرجعية الأساسية في إعداد الشباب،
وهناك التقاء بين هذه الدراسة ودراسة السلوادي في طرح موضوع التغيير، رغم أنها
تناولته من زاوية علاقته بالثقافة بعيداً عن موضوع الشباب.
وتتميز هذه الدراسة عن
الدراسات السابقة بأنها جمعت بين ثلاث محاور وهي محور الشباب
والثقافة والتغيير، وكيفية تربية الشباب على ثقافة
التغيير، حيث لم يعثر الباحث – في حدود علمه- على أي بحث يتناول هذه المحاور
الثلاثة معاً.
المحور الثانيواقع الشباب الفلسطيني وضرورة التغيير
استمد الباحث الإحصائيات
الواردة حول واقع الشباب الفلسطيني من تقرير للجهاز
المركزي للإحصاء الفلسطيني الصادر بتاريخ 11-8-2011، بمناسبة اليوم العالمي للشباب
2011، حيث رسم صورة إحصائية لهذا الواقع كما يلي:
الواقع الديمغرافي: بلغت نسبة الشباب
(15-29) سنة في الأراضي الفلسطينية حوالي 29.6 % من إجمالي السكان، و بلغت نسبة
الجنس بين الشباب 104.3 ذكور لكل 100أنثى، علما بأن
تقديرات عدد السكان في الأراضي الفلسطينية (الضفة والقطاع) منتصف العام 2011 تشير
إلى أن إجمالي عدد السكان بلغ نحو 4.17 مليون. ويظهر التوزيع العمري للسكان أن
المجتمع الفلسطيني هو مجتمع فتي حيث أن الهرم السكاني هرم ذو قاعدة عريضة ورأس
مدبب، مما يعني أنه ولسنوات قادمة سيبقى المجتمع فتيًا.
الواقع التعليمي: تظهر الإحصاءات المتوفرة
لعام 2010 أن حوالي% 44.7 من الشباب(15-29) سنة
ملتحقون بالتعليم، كما تشير الإحصاءات إلى أن معدلات التسرب (سواء التحق وترك أو لم
يلتحق بالتعليم أبد ا) في الأراضي الفلسطينية قد بلغت %30.1 (34.6 % للذكور و %
%25.4 للإناث، وأن الإناث الشابات10.0 %) أكثر التحاقا بالتعليم العالي من الشباب
الذكور(8.1 %)، كذلك تشير البيانات إلى أن% 0.8 من الشباب
أميون بواقع 0.9 % للذكور 0.7% للإناث.
وبلغ معدل البطالة بين
الخريجين الشباب 45.5 % خلال الربع الأول 2011،
ليسجل الخريجون من تخصص العلوم التربوية وإعداد المعلمين أعلى معدل بطالة إذ بلغ
59.5 %، بينما سجل الخريجون من تخصص القانون أدنى معدل بطالة إذ بلغ 31.2.%.
الواقع الثقافي:%49.8 من الشباب
في الأراضي الفلسطينية في العام 2010 لا يقرأون الصحف اليومية أو المجلات إطلاقا؛
40.4 % في الضفة الغربية و 65.1 % في قطاع غزة. بينما يشاهد 87.2 % من الشباب
في الأراضي الفلسطينية التلفاز بشكل يومي و 27.1 % يستمعون إلى الراديو بشكل يومي و
24.3 % يستخدمون الانترنت بشكل يومي، وأن نسبة الشباب
الذين يستخدمون الحاسوب قد بلغت %87.9 في الأراضي الفلسطينية بواقع 87.4 % في الضفة
الغربية مقابل 88.6 % في قطاع غزة، وبلغت نسبة الشباب
الذين يمتلكون بريد إلكتروني 32.9 % في الأراضي الفلسطينية، بواقع 36.0 % في الضفة
الغربية، و %27.9 في قطاع غزة، و أن نسبة الشباب
الذين يمتلكون هاتف نقال تبلغ 63.2 % في الأراضي الفلسطينية بواقع 67.0 % في الضفة
الغربية، مقابل 57.0 % في قطاع غزة في العام 2009.
الواقع الصحي: 33.1 %
من الشباب يمارسون الرياضة بشكل منتظم؛
بواقع 35.6 % في الضفة الغربية مقابل% 29.0 في قطاع غزة، و %2.8 من الشباب
مصابون بمرض مزمن واحد على الأقل؛ 3.3%ذكور مقابل 2.3 % إناث، وأن 15 % من الشباب
يدخنون؛ 28.7 % ذكور مقابل 0.7 % إناث.
الواقع الاقتصادي: تشير بيانات الربع الأول
لعام 2011 إلى أن 33.5 % من الشباب نشيطون
اقتصاديًا بواقع 35.7 % في الضفة الغربية و 29.9 % في قطاع غزة، كما بلغ معدل
البطالة في الأراضي الفلسطينية بين الشباب لنفس
الفترة 33.9 %، و تركزت معدلات البطالة بين الشباب
الذين أنهوا 13 سنة دراسية فأكثر بواقع.% 40.1
الهجرة: حسب نتائج (الجهاز المركزي
للإحصاء الفلسطيني، 2011، ص21-22 لمسح الهجرة الفلسطينية) فإن حوالي 22
ألف فرد هاجروا للإقامة خارج الأراضي الفلسطينية خلال الفترة 2007-2009، علما أن
هذا العدد لا يشمل الأسر التي هاجرت بالكامل، كما أظهرت النتائج أن 33 % من
المهاجرين هم ضمن الفئة العمرية المصنفة كشباب
(15-29 ) سنة، وجاءت الفئة العمرية (30- 44 ) سنة في المرتبة الثانية بنسبة 25.6 %
من المهاجرين للخارج، و أشارت النتائج إلى أن 23.5 % من المهاجرين للخارج هاجروا
إلى الأردن و 20.4 % هاجروا إلى دول الخليج العربي، وأكثر من خمس المهاجرين (21.6
%) هاجروا إلى أمريكا، و أظهرت النتائج أن الأسباب أو الدوافع الرئيسية للهجرة
للخارج كانت التعليم والدراسة بواقع 34.4 % من إجمالي المهاجرين للخارج، في حين كان
الدافع الرئيسي لنحو 14.6 % من المهاجرين هو لتحسين مستوى المعيشة و 13.7 % من
المهاجرين هاجروا لعدم توفر فرص العمل في الأراضي الفلسطينية، و أشارت النتائج إلى
أن هناك ما بين(5-7) آلاف عائدًا سنويا للأراضي الفلسطينية خلال السنوات الخمس
الماضية.
الجرائم والمخدرات: حسب إحصائيات موقع الجهاز
المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد تم التبليغ في الضفة الغربية للعام 2009 عن (16291)
ما بين جرائم مختلفة ومخدرات وكان أعلاها حسب الترتيب التنازلي: الاعتداء-الإيذاء
الأخلاقي- السرقة-التزوير والاحتيال- الجرائم المشتبه فيها- المخدرات.
أما بالنسبة للمخدرات فليس هناك رقم دقيق أو حقيقي
لعدد متعاطي المخدرات في فلسطين إلا أن إحصائية عام 2007 التي قامت بها دائرة
الإحصاء الفلسطيني تشير إلى أن عدد المتعاطين يقدر ب 32 ألف متعاط، أما المدمنين
منهم بشكل دوري يقدر عددهم ب10 ألاف في القدس والضفة والقطاع، أما إحصائيات مؤسسة
الميزان فتشير إلى أن هناك 60 ألف متعاط ومدمن في القدس وحدها و20 ألف متعاط ومدمن
ينقسمون إلى 5 ألاف مدمن و15 ألف متعاط"، مؤكداً أن المشكلة الرئيسية في هذا
الموضوع تكمن في تدني عمر المتعاطين إذ وجدت حالات تعاط لم تتجاوز الـ14 عاماً
وحالات تعتبر شاذة تحت سن 12 عاماً (palst.com/news
17-9-2011).
تعقيبات على واقع الشباب
الفلسطيني:
بتحليل البيانات السابقة
حول واقع الشباب الفلسطيني يمكن أن نحدد عناصر
القوة، والضعف، والتحديات والفرص، التي يعيشها الشباب
في المجتمع الفلسطيني، ومن ثم الوصول إلى تصور حول ثقافة التغيير التي يجب تربية الشباب
عليها لصناعة الغد الواعد، وذلك على النحو التالي:
عناصر القوة لدى الشباب
الفلسطيني: تتمثل عناصر القوة لدى الشباب
الفلسطيني؛ في كون المجتمع الفلسطيني مجتمعاً فتياً،
وهي "خاصية تميز المجتمع الفلسطيني، وتمثل أحد المبشرات بمستقبل واعد له، وعاملاً
هاماً من عوامل حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ألا وهي النسبة العالية من الشباب
وصغار السن في هذا المجتمع، وهذا الأمر على خلاف ما عليه المجتمع الإسرائيلي الذي
تزيد فيه نسبة كبار السن، ومن المعلوم أن ازدياد نسبة الشباب
في أي مجتمع دليل على حيويته وقدرته على الإنتاج والتنمية، في حين أن ازدياد نسبة
الشيخوخة في أي مجتمع على حساب نسبة الشباب يهدد
هذا المجتمع بالضعف وقلة الإنتاج وتأخر عجلة التنمية" (الجعب،2009، 50-51).
كذلك يعتبر التعليم عنصر
قوة للشباب الفلسطيني، حيث نسبة الأمية أقل من 1%،
رغم وجود أخطار تتهدد هذا العنصر من القوة مثل خطر التسرب من المدارس،
وتمثل هذه النسبة العالية من التعليم عامل قوة لإحداث
التنمية البشرية، بل هي من أهم عوامل التنمية، حيث أن الإنسان المتعلم هو الأقدر
على الإنتاج الجيد كماً وكيفاً، والأقدر على استثمار القدرات البشرية والطبيعية إلى
أقصى حد ممكن، والأقدر على توظيف التكنولوجيا الحديثة لتوفير الوقت والجهد، والأقدر
كذلك على ترشيد الاستهلاك والمحافظة على الانجازات.
عناصر الضعف لدى الشباب
الفلسطيني: أما عناصر الضعف فتتمثل في الضعف الثقافي من خلال العزوف عن
القراءة والمطالعة للصحف والكتب، والمشاركة في الأنشطة الثقافية، بينما يقبلون على
أدوات التكنولوجيا الحديثة مثل التلفاز والانترنت والجوالات، رغم ما تحمله من سموم
العولمة والتطبيع الثقافي مع الثقافة الغربية، ويرى الباحث "أن
هناك أزمة ثقافية تعصف بالمجتمع الفلسطيني، مما يستوجب على المسئولين الرسميين
والأهليين وجميع المهتمين بالثقافة أن يبادروا لتشخيص هذه الأزمة ووضع الحلول
الناجعة لها، قبل أن تتلاشى الثقافة الفلسطينية من ساحة المواجهة مع العدو
الصهيوني" (الجعب،2010،12).
التحديات التي تواجه الشباب
الفلسطيني: يواجه الشباب في عصر العولمة
تحديات كثيرة، مثل الهوية والانتماء، التضليل الإعلامي والثقافي، البطالة، وهجرة
العقول، والغزو الفكري، وآفات التدخين والمخدرات والجنس، وسوء الأوضاع السياسية
والاقتصادية في الواقع الفلسطيني، وعلى رأس ذلك الاحتلال الصهيوني أساس الأوضاع
المتردية التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
الفرص المتاحة للشباب
الفلسطيني: رغم أن الفرص المتاحة أمام الشباب
الفلسطيني محدودة، إلا أن الشباب بما حباه الله من
أسباب القوة العقلية والجسدية والنفسية، يستطيع أن يتغلب على التحديات، وينمي عناصر
القوة، ويعالج عناصر الضعف، وتعتبر الثورات العربية بما يسمى بالربيع العربي؛
دليلاً على قدرة الشباب على التغيير والتأثير، ومن
هنا فالفرص المتاحة للشباب هي في ذواتهم وقدراتهم،
بأن يغيروا ما بأنفسهم من فكر خاطئ وسلوك منحرف، واتجاهات سلبية، ولن يتم ذلك إلا
بتوجيه المربين والمسئولين، وتشكيل مؤسسات شبابية
من أجل التغيير، تأخذ بأيدي الشباب نحو الصلاح
والإصلاح.
المحور الثالثالشباب وثقافة التغيير
أولاً: مؤهلات الشباب
للتغيير:
يقصد الباحث بمؤهلات
التغيير أنها "الإمكانات والقدرات والخصائص التي يتمتع بها الشباب
دون غيرهم من الناس، بحيث تمكنهم من قيادة التغيير في مجتمعاتهم، وتحقيق مستقبل
أفضل لها".
وتتمثل هذه المؤهلات فيما يلي:
1. حب التغيير والقدرة على بناء المستقبل:
إن التغيير سنة إلهية
يقوم عليها هذا الكون في كل مكوناته المادية والمعنوية، وتتأثر المجتمعات البشرية
بسنة التغيير بشكل واضح وإن ظهر بطيئاً أحياناً، وفي هذا يقول الله تعالى: ﴿وَتِلْكَ
الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ (آل عمران، 140).
وباعتبار أن الشباب
هم عنصر الحيوية والعطاء في الأمة والمجتمع، فإن هذه الخصائص ترشحهم ليكونوا طليعة
التغيير ورواد كل جديد، ذلك أنه "يغلب على عنصر الشباب
الميل للتغيير وعدم الرضا بالقديم، والبحث عن الجديد، ومن هنا فإن وقود التغيير
يعتمد أساساً على حماسة الشباب وصلابة إرادتهم "
(الجعب،2006، 89).
وبناء على ريادية الشباب
لعملية التغيير فإن "حركات التغيير في التاريخ العالمي اتجهت إلى الشباب
لتجعل منه وسيلتها، ومادتها، ومحل أفكارها، وإطار حركتها، ومنجم تضحياتها، ومن
طبيعة الشباب أن يستهويه كل جديد، ويراوده كل أمل
في التغيير" (محجوب،1406هـ، 9)
وحسب تقرير البنك الدولي
للتنمية البشرية للعام 2007، فإنه يعيش في البلدان النامية (1,3 بليون شاب)، ويعلق
التقرير على ذلك قائلاً: "إنه نظراً لوجود 1.3
بليون شاب يعيشون حالياً في بلدان العالم النامية ـ وهو أكبررقم تبلغه شريحة الشباب
على مر التاريخ، لم يكن هناك وقت أفضل من الآن للاستثمارفيهم، حيث إنهم أفضل صحة
وأوفر حظاً من التعليم مقارنة بالأجيال السابقة، وحيث إنهميدخلون قوة العمل في ظل
انخفاض عدد المُعالين بسبب تغيّر العوامل الديموغرافية. إلاأن من شأن الإخفاق في
اغتنام هذه الفرصة لزيادة فعالية ما يتلقونه من تدريب ليلاءم احتياجات سوق العمل،
ولجعلهم مواطنين فاعلين في مجتمعاتهم أن يؤدي إلى تفشي حالة منالإحباط وخيبة الأمل،
ومن ثمّ إلى توترات اجتماعية". (البنك الدولي، 2007، تقرير).
وما دام أن الشباب
يمثل هذا العدد من سكان الدول النامية والدول العربية جزء كبير منها، فهذا العدد
يعطي الشباب قدرة التأثير على مستقبل المنطقة في
حالة أن ينهض الشباب ليرسموا مستقبلهم من خلال
مؤسسات تنظم طاقاتهم.
وتعتبر المجتمعات العربية
والإسلامية مجتمعات شابة قياساً إلى المجتمعات الغربية التي تتجه نحو الشيخوخة،
ويمثل هذا المعطى حافزاً لأهل الإصلاح والتغيير من الدعاة والمصلحين لوضع البرامج
الكفيلة باستثمار هذه الطاقات الشابة لتغيير الواقع الإسلامي أولاً ثم الواقع
العالمي ثانياً، وبالتأكيد حسم مستقبل الصراع بين الفلسطينيين واليهود في حالة أن
يتوحدوا تحت راية الإسلام تربية وجهاداً.
2. الإيمان بالفكرة:
ليس هناك من عملية تغيير
حققت أهدافها إلا وكان وراءها قيادة آمنت بفكرة التغيير، وتشربت حبها، وتفانت في
سبيلها، ذلك أن حياة الأفكار لا تتحقق إلا بذوبان الأشخاص فيها، حتى يصبحوا أدلاء
عليها،وهذا ما ربى عليه القرآن اتباعه ﴿قُلْ إِنَّ
صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
* لَا شَرِيكَ لَهُ
وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (الأنعام، 162-163)،
وكما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن
- رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وهذا ما أوصى النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه:
"دينك، دينك، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا" (كنز
العمال عن ابن عمر رضي الله عنه).
وقد أثمرت هذه التربية
جيلاً فريداً امتزجت الفكرة عندهم بأرواحهم وعقولهم وسلوكهم الحياتي، فكان احدهم
قرآناً يدب على الأرض، فهذا حارثة يلقاه النبي (صلى الله عليه وسلم) ذات صباح
فيسأله: كيف أصبحت يا حارثة؟ فيقول: أصبحت مؤمناً حقاً يا رسول الله! فيقول النبي
(صلى الله عليه وسلم): انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك؟ قال:
أصبحت وقد اظمأت نهاري واسهرت ليلي، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وإلى أهل الجنة
يتزاورون، وإلى أهل النار يتضاغون (يتصايحون)، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم):
عرفت فالزم، عرفت فالزم، عرفت فالزم. (أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد، 106،
رقم 314)
وامتداداً لهذا الجيل جاء
الشهيد "سيد قطب" ليؤكد بالقول والفعل صحة ما سبق من ضرورة الذوبان في الفكرة فقال:
إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح"، فكان ما
قال حيث أصبحت كلماته مدرسة لأكثر أبناء الصحوة الإسلامية في العصر الحديث.
3. الميل للعمل الجماعي:
لاشك أن مهمة التغيير
التي ينتدب الشباب أنفسهم لها، لا يمكن أن تتحقق
على أرض الواقع، ويكتب لها النجاح، إلا إذا تضافرت حولها الجهود، وحشدت لها
الطاقات، وتوزعت على روادها الواجبات والمسئوليات، ومن هنا كان التغيير يستلزم
العمل الجماعي، وبما أن الشباب وقود التغيير، إذا
لا بد أن يميلوا للعمل الجماعي، وينخرطوا في سلكه، وينضووا تحت لوائه، وإلا فإن
الجهود الفردية سرعان ما يزول أثرها، وينزوي تأثيرها، ويتفرق أنصارها بموت قائد
التغيير، الذي لم يصهر طاقات هؤلاء في مؤسسة جماعية ذات قرار شوري.
ولاشك أن مرحلة الشباب
هي بدء مرحلة النزوع إلى تشكيل الجماعات، والانسلاك في الأعمال الجماعية، والحياة
ضمن أطر جماعية ضرورة تربوية لا تعوض بغيرها" (محجوب، 1406هـ، 11).
4. الطاقة والحيوية والعطاء:
فإذا رسمنا منحنىً
بيانياً يمثل نسبة العطاء والحيوية في مراحل العمر، سنجد أن قمة هذا المنحنى في
مرحلة الشباب، ففيها الدراسة والاجتهاد العلمي،
وفيها العمل وتحصيل الرزق، وفيها الانخراط في العمل السياسي والجهادي والاجتماعي،
ولذا أوصى النبي (صلى الله عليه وسلم) باغتنام هذه المرحلة.
ومن أمثلة الطاقة والحيوية عند الشباب:
ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ياعبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل
فقلت بلى يا رسول الله قال: فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقاً وإن
لعينك عليك حقاً وإن لزوجك عليك حقاً وإن لزورك عليك حقاً وإن بحسبك أن تصوم كل شهر
ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله فشددت فشدد علي قلت
يا رسول الله إني أجد قوة قال فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد
عليه قلت وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام قال نصف الدهر فكان عبد
الله يقول بعد ما كبر يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى
الله عليه وسلم (رواه البخاري).
5. الحماسة والإرادة:
أن الحماسة تعلق وولع
بالأمر يدعو إلى التشدد فيه، والجرأة والشجاعة في إنفاذه، فهو يبدأ بشعور وعاطفة
وتعلق، ينبثق منه حينئذٍ تغير وسلوك نفسي يتولد من خلاله جرأة تترجم إلى شجاعة في
إنفاذ الأمر وعدم التساهل أو الترخص فيه (بادحدح،2007).
ومن ذلك تحدي عبد الله بن
مسعود لقريش بالجهر بالقرآن أمامها، وهو يعلم ما يمكن أن يصيبه من وراء ذلك، ورغم
ما أصابه من ضرب وإهانة جسدية إلا أنه فاجأ المسلمين في اليوم التالي وهو يقول:
"أما لو شئتم لأعاودنهم بها"، أي لم تنهزم نفسيته بل لديه شعور بالتحدي وعدم
الاستسلام.
وهذا عقبة بن نافع يقف
على شاطئ المحيط الأطلسي (بحر الظلمات) بعد أن فتح شمال أفريقيا، ويخوض بجواده
الماء ويقول: "اللهم رب محمد لولا هذا البحر لفتحت الدنيا في سبيل إعلاء كلمتك
اللهم فاشهد..".
6. الاستعداد للتضحية:
فمن الذين يتقدمون الصفوف
للدفاع عن حمى الوطن من سطوة المعتدين ؟ ومن الذين يبذلون دماءهم رخيصة من أجل
كرامته ؟ إنهم الشباب بشكل رئيس، وربما يكون الشيوخ
سبباً لإعاقتهم عن أداء هذا الدور العظيم.
ففي غزوة أحد حينما شاور
النبي (صلى الله عليه وسلم) المسلمين في شأن
البقاء في المدينة لمواجهة المعتدين أم الخروج لملاقاتهم، كان رأي الشباب
هو الغالب والذي يقضي بالخروج لملاقاتهم خارج المدينة حفاظاً على كرامة المسلمين
وعزتهم، ولذلك رجع عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الجيش وهو يقول "يعصيني ويطيع
الولدان؟".
وعلى أرض فلسطين نجد أن
الشباب دائماً هم وقود الانتفاضات والعمليات
الجهادية، فحسب إحصائية مركز المعلومات الوطني الفلسطيني لعدد الشهداء الفلسطينيين
في الفترة من 28\9\2000 حتى 28\2\2007، فقد بلغ (5147 ) شهيداً من بينهم (939)
طفلاً أقل من 18 سنة، ومن بين 10400 أسير في المعتقلات الصهيونية يوجد 1175 طالب
وطالبة من طلبة المدرس والجامعات الفلسطينية (مركز المعلومات الوطني الفلسطيني،
2007).
وهذه الإحصائيات تدل
دلالة أكيدة على عمق وسعة المشاركة الشبابية في
العمل المقاوم دفاعاً عن الوطن، رغم أنها لا تشمل كل شريحة الشباب
الممتدة حتى 25 سنة.
ثانياً: خصائص ثقافة التغيير:
إن عملية التغيير عملية
معقدة وصعبة وتحتاج إلى نفس طويل من القائمين عليها، ولكي تؤتي ثمارها فلابد أن
تتميز عن الواقع الذي تسعى لتغييره، فتستفيد من إيجابياته، وتتلافى سلبياته، ومن
أجل ذلك لا بد أت تتصف بالخصائص التالية:
جذورها في الماضي وسيقانها معاصرة:
فهي تستمد جذورها من الدين الإسلامي واللغة العربية
والتاريخ والتراث الفلسطيني، وفي نفس الوقت لا تغفل الاستفادة من التكنولوجيا
الحديثة والتطورات المعرفية المعاصرة.
وحدوية تحترم التنوع والاختلاف:
فأي مجتمع من خصائصه التنوع الثقافي في صوره المتعددة
الدينية والسياسية والعشائرية، ومن هنا يجب احترام هذا التنوع وتوظيف هذا الاختلاف
لإحداث عملية التغيير ورسم صورة متكاملة لهذا المجتمع.
جماعية: فلكي
يؤتي التغيير أكله لابد أن يؤمن به الجميع ويلتزمون بمتطلباته، وهذا هو دور الثقافة
التي تسبق عملية التغيير، والتي تستهدف تغيير الأفكار والاتجاهات أولاً، ثم تغيير
السلوك، والثقافة في نظر الكثيرين تخص طبقة النخبة من المجتمع، وهم فئة المتعلمين
والأدباء والمفكرين والساسة وغيرهم، ومادام أن الثقافة تمثل هوية الفرد التي يمنحها
المجتمع له لكي يكون منتسباً إليه، فلابد للقائمين على الحركة الثقافية أن يستهدفوا
جميع شرائح المجتمع بمختلف الأعمار والأجناس والتخصصات والميول، فعلى دعاة التغيير
أن يصلوا إلى جميع طبقات المجتمع من خلال الوسائل الإعلامية والثقافية المختلفة،
فإلى جانب الشعر الفصيح يكون الزجل الشعبي، وإلى جانب مسرح الكبار يكون مسرح
الأطفال، وإلى جانب منتديات الرجال تكون منتديات النساء، وهكذا يتم استيعاب الجميع
على مستوى الأخذ والعطاء.
تفاعلية تشاركية:
ومادام أن هذه الثقافة جماهيرية فيجب أن لا تكون
تلقينياً للحفظ والتسميع، بل لابد أن تخضع للنقد والأخذ والرد من الشريحة الواسعة
المثقفة، فلا قداسة لأحد في هذه الثقافة، لأنها من مصدر بشري يحتمل الصواب والخطأ،
إضافة إلى ان مشاركة الآخرين في بلورة ثقافة التغيير يثريها و يجعلها مقبولة لديهم
؛ وليسوا أعداء لها.
مقاومة لا مساومة:
فثقافة التغيير تستهدف استبدال الواقع القائم بواقع
جديد تتاح فيه الحريات والعدالة والمساواة، ومن هنا سينشأ لها أعداء من المستفيدين
من الواقع القائم، وربما تتعرض لمساومات لتحيد عن أهدافها المرسمة، ومن هنا يجب أن
تكون ثقافة مقاومة لا تعرف التنازل والمساومة، وإلا فإنها بذلك تحكم على نفسها
بالفناء والزوال.
تدرجية مرحلية: فالتغيير لا يمكن أن يحدث مرة
واحدة، كما أن ما يجب تغييره لم يأت فجأة، بل تراكم عبر السنين، والتدرج سنة من سنن
هذا الكون حيث تنتفي فيه الطفرات والقفزات غير المعقولة فأي مخلوق يتم تكونه في
مراحل متدرجة، وكذلك شريعة الإسلام ركزت على بناء العقيدة طوال ثلاث عشرة سنة في
مكة ثم نزلت التكاليف متدرجة في المدينة ﴿وَقرآناً
فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾
(الإسراء، 106).
إنسانية: فالإنسان هو هدف التغيير المنشود،
ومن هنا تظهر أهمية تربيته على مبادئ وقيم معينة تحفظ له إنسانيته، وما دام أن
التغيير الذي نريده جذوره مرتبطة بالأصالة ونعني بها الإسلام، فلا بد أن يلتزم
بالتغيير الإسلامي، وغاية التغيير في الإسلام هي تحقيق السعادة للبشرية جمعاء ولا
يكون ذلك مبرراً له باستخدام الوسائل غير الشريفة، فالغاية عنده لا تبرر الوسيلة.
وفي هذه الخاصية يتميز
الإسلام بشكل واضح عن النظم الوضعية فالشيوعية مثلا تعتبر الثورة وسيلة التغيير،
والتي تغرق المجتمع في بحر من الدماء، كما قال ماركس في خطابه للعمال "سيكون عليكم
أن تجتازوا خمسة عشر عاما أو عشرين أو خمسين من الحروب الأهلية بين الشعوب لكي
تصبحوا أهلا للسلطة السياسية" (يكن: 1979، 23).
ثالثاً: دور الشباب
في التغيير:
لمرحلة الشباب
أهمية خاصة على المستويين الاجتماعي والإنساني، لأنها مرحلة الطاقة الدفاقة
والعقلية المبدعة والإرادة المغيرة، فالشباب جماع
القوة بمعانيها الشاملة والمتنوعة التي تغطي جوانب الحياة جميعاً، لما يتصفون به من
صفات لا يشاركهم فيها غيرهم، كما قال الإمام الشهيد حسن البنا "أيها الشباب:
إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة
لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها. وتكاد تكون هذه
الأركان الأربعة: الإيمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب.
لان أساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور
القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب.
ومن هنا كان الشباب قديماً و حديثاً في كل أمة عماد
نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها" (البنا، 1992، 173).
ومن المهام الكبرى التي يضطلع بها الشباب:
1- مناصرة كل فكرة تغييرية:
فكبار السن غالباً ما
يكونون عقبة أمام دعوات التغيير، فهم كمن قال الله فيهم ﴿قَالُوا
حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا﴾ (المائدة، 104)، أما الشباب
الذين يتطلعون لمستقبلهم –والذين لن يشاركهم فيه كبار السن- فإنهم يحبون أن يكون
مستقبلاً مختلفاً عن حاضرهم، ومن هنا فهم الأسرع استجابة لدعاة التغيير، فلا تكاد
ثورة أو فكرة تقوم إلا ويكون المبادرون فيها من الشباب،
ولذا كان أغلب أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)
شباباً.
2- رسم مستقبل الأمة:
فالشباب
نصف الحاضر وكل المستقبل، ويمكنك أن تحكم على مستقبل أي أمة من خلال سلوك
شبابها، ولذلك تتجه الحركات والتنظيمات السياسية
والاجتماعية إلى احتضان الشباب، وتربيتهم على
أفكارها وتصوراتها، حتى إذا كبروا وتبوءوا المراكز الاجتماعية والسياسية، فإنهم
سيقودونها من خلال الفكر الذي تربوا عليه، ومن هنا تتعالى صيحات الخطر في بلاد
الغرب للمستقبل المجهول الذي ينتظرهم بسبب غرق شبابهم
في الملذات والشهوات، والذي أدى إلى تناقص أعداد الشباب
مما يشير إلى توجه تلك البلدان نحو مرحلة الشيخوخة، في حين أن المجتمعات الإسلامية
تتجه نحو مرحلة الشباب،
ومثال ذلك ما أعلنه لؤي شبانة رئيس الجهاز المركزي
للإحصاء الفلسطيني في يوم05/04/2007، أن 52.2% من مجموع السكان المقيمين فيالأراضي
الفلسطينية المحتلة عام 1967 (الضفة والقطاع) هم أطفال أقل من 18 سنة.
3- المعتمد عليهم في الإنتاج والبناء:
لأن الشباب
يمتلكون القوة بأبعادها المختلفة العقلية والجسدية والنفسية، فهم الأقدر على
الإنتاج والإبداع والتغيير، فهم الذين تسير بهم العملية التعليمية والمصانع
والمزارع والتكنولوجيا الحديثة، "فأوساهير" الشاب الياباني هو الذي أدخل المحرك
الأوروبي في الصناعة اليابانية،مما جعل اليابان تضع قدمها على طريق التقدم الصناعي.
ويتمثل الهدف العام لليونسكو للعمل مع الشباب
"ضمان وتعزيز مشاركتهم الكاملة في المجتمع على قدم المساواة مع الرجال، وأن يكونوا
شريكاً ذا قيمة، لا سيما في تصميم المعرفة الاجتماعية،وتمكينهم من استخدام رؤاهم
الإبداعية وتطلعاتهم في خدمة المجتمع والتنمية
(,UNESCO2004،3).
ويبين (الحمد،2011) أن
الجهاد والمقاومة والعمل في بناء الجيوش تعد الأعمار 16 – 25 عاماً هي المثالية
بالنسبة له، فيما تعتبر سنوات 18 – 22 عاماً من أهم مراحل العطاء العقلي والمشاركة
الفاعلة للشباب في المرحلة الطلابية في بناء شخصيته
والتفاعل السياسي مع المحيط، بينما يمثل الشباب في
سن 22-35 مشروع القيادة والريادة في بناء الأمة، وتوجيه دفة مسارها، واستعادة
كرامتها، وبناء مشروع نهضتها.
رابعاً: الشباب
وتحديات التغيير:
يواجه الشباب
الفلسطيني في طريقه للتغيير تحديات عديدة متنوعة بعضها ذاتي متصل بتربية الشباب
لأنفسهم ومجتمعهم، وبعضها موضوعي متصل بالتحديات المفروضة من خارج الشعب الفلسطيني
كالاحتلال الصهيوني، وفيما يلي بيان لتلك التحديات:
عدم وضوح الطريق: حيث يعاني الشباب
الفلسطيني من تعدد الولاءات الفكرية والحزبية والسياسية، وربما تتضارب طرق التغيير
التي تتبعها هذه الولاءات المتعددة، فعلى الساحة الفلسطينية تيارات فكرية متعددة من
أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فهناك الحركات الإسلامية بأطيافها المختلفة (الإخوان
المسلمون وذراعها الفلسطيني حركة حماس، والجهاد الإسلامي، والسلفية بتياريها
التقليدي والجهادي، والدعوة والتبليغ، وحزب التحرير، والطرق الصوفية....)،
وبالمقابل هناك التيارات القومية العلمانية كحركة فتح والجبهة الشعبية والجبهتين
الديمقراطيتين، وحزب الشعب الشيوعي، ومنظمات صغيرة أخرى.
ونتيجة لهذا التلون
الفكري الفلسطيني، يصاب الشباب بالدوار والحيرة في
سؤالهم: أين الطريق لتغيير الواقع وتحقيق الأهداف
الإستراتيجية للشعب الفلسطيني؟ وهنا تضيع البوصلة، ويصاب الشباب
باليأس والاحباط مما يقعدهم عن محاولات التغيير والسعي نحو المعالي كما قال الشاعر:
ولا خروج من هذه الحيرة
وهذا الاضطراب إلا بالرجوع إلى الأصول الأولى التي كان يعيش عليها الفلسطينيون منذ
الفتح الإسلامي لفلسطين في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، التي عبر الله عنها
بقوله: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا
فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ (الأنعام،153)، ألا وهي
أصول القرآن والسنة وتراث السلف الصالح، والتي تمثل المعايير الواضحة والصحيحة لأي
إضافات حضارية مقتبسة من الحضارات والأمم الأخرى.
ضعف الإسناد والإمكانات: رغم أن من المفاهيم
المرتبطة بالشباب مفهوم القوة بكل صورها المختلفة؛
كقوة الجسد والعقل والإرادة ؛ إلا أن الشباب لا
يمتلك الامكانات المادية أو الأدبية لينفذ رغباته في التغيير والإصلاح وبناء
المستقبل، فالكبار هم الذين يمتلكون كل ذلك، والشباب
أدوات للتنفيذ في كثير من الأحيان.
ومجمل هذا القول أن الشباب
لديهم الاستعدادات للفعل الإبداعي والتغيير، فإذا ما فوضوا لفعل ذلك، رأيت منهم
الشيء العجاب، ولقد تفطن النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى هذه الطاقة المذخورة في الشباب؛
فوظفها إلى أقصى مدى، فقال في الحديث: عَنْ أَبِي
هَارُونَ الْعَبْدِيِّ ، وَشَهْرِ بْنِ
حَوْشَبٍ، قَالا: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا
أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: مَرْحَبًا
بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "سَتُفْتَحُ لَكُمُ الأَرْضُ وَيَأْتِيكُمْ قَوْمٌ"، أَوْ قَالَ:
"غِلْمَانٌ حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ , وَيَتَفَقَّهُونَ فِي
الدِّينِ وَيَتَعَلَّمُونَ مِنْكُمْ، فَإِذَا جَاءُوكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ،
وَأَلْطِفُوهُمْ، وَوَسِّعُوا لَهُمْ فِي الْمَجْلِسِ وَفَهِّمُوهُمُ الْحَدِيثَ"،
فَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ يَقُولُ لَنَا: مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ،
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنْ نُوَسِّعَ لَكُمْ فِي الْمَجْلِسِ، وَأَنْ
نُفَهِّمَكُمُ الْحَدِيثَ. (ابن عبد البر، حديث رقم 646)
الثقافة التقليدية
الموروثة: ما دام أن الثقافة هي نتاج بشري فلا بد أن تحتوي على الصواب والخطأ،
والحق والباطل، والخير والشر، وثقافتنا الفلسطينية مثل كل الثقافات، بحاجة إلى نقد
وتمحيص وإعادة إحياء للجوانب الخيرة فيها، وعزل الجوانب السيئة، ومن صور ذلك
الأمثال الشعبية ؛ التي تعتبر خلاصة تجارب الشعوب حيث يتم صياغتها على شكل أقوال
تتناقلها الأجيال، وهي "وليد تجربة عقلانية واعية رصدت بتدبر ووعي ودقة ملاحظة،
وقوة استنتاج "حكمة" أو قولاً هو ما يسمى "المثل الشعبي" فاستساغه الشعب؛ فأخذ صفة
الاستمرارية في التداول والقبول من شخص لآخر" (المبيض، 2006، 16).
وتزخر الأمثال الشعبية الفلسطينية بالقيم الإيجابية والسلبية للتنمية، وتمثل عند البعض عقيدة يجب التمسك بها، لذا يجب غربلة هذه الأمثال وتعزيز الأمثال ذات القيم الإيجابية ونقد الأمثال السلبية، ومثال ذلك (المبيض، 2006، ص154، 224،344، 346):
أمثال ذات قيم إيجابية للتنمية: "يا بخت من
بنى وعلى وراح وخلى" يحث على الإعمار وترك الأثر الطيب بعد الموت.
"احنا بنزرع وأولادنا
بيحصدوا" دعوة للعمل ونفع الأجيال، "من رقعت ما عريت، ومن دبرت ما جاعت" دعوة
للاكتفاء الذاتي والانتفاع بالموجود.
أمثال ذات قيم سلبية للتنمية: "ياروح ما بعدك
روح" "العب وحدك ترجع راضي" يدعوان إلى حب الذات وعدم التعاون.
"على قد لحافك مد رجليك" رغم أنه يدعو للقناعة
بالموجود إلا أن البعض يفهمه على أنه رضا بالواقع السيئ وعدم العمل لتغييره.
الواقع السياسي والاجتماعي السيء: والذي يتمثل
بوجود الاحتلال الصهيوني على الأرض الفلسطينية، وما نجم عن ذلك من استيطان الأرض،
وتهويد المقدسات، وتشريد الفلسطينيين كلاجئين في المنافي، والمؤامرة على حق العودة،
وتدجين منظمة التحرير الفلسطينية لتصبح مفاوضاً سياسياً بعد أن كانت مقاومة مسلحة،
وما ترتب على ذلك من الاعتراف بالكيان الصهيوني دون قيام للدولة الفلسطينية على
حدود 1967، ولا يزال الطرف الفلسطيني المفاوض مصراً على طريق السلام كطريق أوحد لحل
القضية الفلسطينية، وها هو يذهب في هذه الأيام للمطالبة بالحصول على العضوية
الكاملة في الأمم المتحدة كدولة فلسطينية مستقلة بعد يأسه من المفاوضات اللامتناهية
مع الاحتلال.
وكثمرة من ثمرات طريق
أوسلو دب النزاع والخلاف والانقسام بين أبناء الشعب الفلسطيني، وانقسم إلى حكومتين
في الضفة الغربية وغزة، بعد فترة من الصراع الدموي بين فتح وحماس، كل هذه الأوضاع
السياسية المتردية تمثل تحدياً خطيراً أمام شباب
التغيير، لأنه يستلزم منهم توحيد الشعب الفلسطيني تحت رؤية تغييرية واحدة.
الاستهداف الأخلاقي: عمل الاحتلال الإسرائيلي
على تدمير المنظومة الأخلاقية لدى أبناء الشعب الفلسطيني، كوسيلة فعالة للسيطرة
عليهم، وتسخيرهم كعملاء لخدمة أمنه ومخططاته الإفسادية، فقد جاء في
بروتوكولات حكماء صهيون اليهودية (يجب أن
نعمل لتنهار الأخلاق في كل شاب فتسهل سيطرتنا، إن فرويد منا، سيظل يعرض العلاقات
الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب
شيء مقدس ويصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهار الأخلاق).
واستخدم اليهود لتدمير أخلاق الفلسطينيين وسائل عديدة
من بينها: وسائل الإعلام الهابطة كالتلفاز، والفضائيات، والجنس والمخدرات
والتطبيع والعمالة ونشر المذاهب الفكرية والسياسية الهدامة، ومن هنا فإن تبعة
التغيير تستلزم تحرير الشباب الفلسطيني من كل هذه
الموبقات، ليستعيد عافيته، ويقوم بدوره وواجبه نحو دينه ووطنه.
المحور الرابعرؤية مقترحة لتربية الشباب على ثقافة التغيير(التوصيات)
تتشكل هذه الرؤية من ثلاث مراحل متدرجة ومتعاقبة ثم
متزامنة أي بعد اكتمالها تسير جنباً إلى جنب،وتأخذ مساراً دائرياً في عملية مستمرة
متجددة، ويمثلها الشكل التالي:
ويمكن تفصيل المراحل الثلاثة على النحو التالي:
أولاً: مرحلة الإعداد والتأهيل:
ويقصد بها الباحث المرحلة التي يتم فيها تربية الشباب
على ثقافة التغيير بإصلاح نفوسهم من خلال إحداث التغيير الإيجابي على ثلاث مستويات
هي:
أ- التغيير الفكري: وذلك بتخلية الأفكار
السلبية التي تتعارض مع الثوابت الإسلامية والوطنية، كرفض الدعوات الهدامة المعادية
للدين كالشيوعية والعلمانية والوجودية وغيرها، وكذلك رفض الأفكار التي تدعو إلى
التطبيع مع العدو الصهيوني وترك المقاومة، وأيضاً تحصين الشباب
من أخطار العولمة التي تتهدد ثقافتنا العربية الإسلامية.
ب- التغيير النفسي: وذلك بتغيير الاتجاهات
والمشاعر القلبية السلبية إلى اتجاهات إيجابية كالتربية على التفاؤل بدل اليأس،
والمحبة والأخوة بدل الشحناء والفرقة، والاعتماد على النفس بدل الاتكال على
الآخرين، والشجاعة والمبادرة بدل الخوف والانطواء على الذات.
ت- التغيير السلوكي: ويعتبر التغيير السلوكي
ثمرة ونتيجة للتغيير الفكري السابق، حيث يستبدل الشباب
السلوكيات الخاطئة بالسلوكيات الإيجابية، فيستبدلون الفوضى بالنظام، والعفوية
بالتخطيط، والأماني بالعمل، والانحراف بالاستقامة.
ثانياً: مرحلة الممارسة والتطبيق:
وفي هذه المرحلة ينتقل الشباب
من إطار النظريات والمثل إلى إطار العمليات والتطبيق، فيمارسون ما تعلموه ورُبُّوا
عليه، فتسند إليهم المسئوليات في كافة ميادين الحياة ليقوموا بإحداث عملية التغيير
التي تعرفوا عليها من قبل، وبالطبع ليس من السهل امتلاك الشباب
لزمام الأمور إلا إذا كان هناك وعي مجتمعي بضرورة تمكين الشباب
من ذلك، وإلا فعلى الشباب أن يخوضوا معركة التغيير
على بصيرة، ويتحملوا في سبيل ذلك التضحيات والآلام لحين تحقيق أهدافهم.
ثالثاً: مرحلة التقويم والمراجعة:
وهذه المرحلة يلزم الأخذ
بها بعد كل خطوة كبيرة لمعرفة هل نسير نحو المطلوب
أم لا؟ وما الأخطاء التي حدثت ليتم تصويبها؟ وما الايجابيات التي تحققت ليتم
تعزيزها؟ وتكون هذه المرحلة أشد ضرورة في مرحلة الممارسة والتطبيق، حيث تطرأ
مفاجأت كثيرة في الميدان؛ تستلزم خطط بديلة ومرونة في التعامل معها، فالتقويم
المستمر لمسيرة التغيير يجنبها الانحراف عن أهدافها، ويسدد خطوها للوصول إلى
التغيير المنشود.
ويرى (الحمد، 2011) أن
دور الشباب في مشروع التغيير العربي المعاصر يتمثل
في اتجاهات ثلاثة، الأول: البناء والقيادة
والتخطيط والإدارة والتطوير الداخلي للمشروع ليبقى حداثياً معاصراً وقادراً على
الفعل، ومتجدد الأفكار والابتكار في الوسائل والأساليب،
والثاني: التفاعل مع المحيط والتأثر والتأثير
به، فيما يعرف بالمعاصرة والتجدد الحضاري، والذي يمنع التكلس أو الجمود أو التخلف
عن ركب التكنولوجيا، والمتطلع إلى واقع أفضل والذي لا تقعده التحديات في سبيل ذلك،
الثالث: استمرار إنهاض المشروع من أي كبوة،
وتقديم التضحيات في سبيل إنجاحه، وتحمل تبعات المواجهة مع الأعداء وقوة الشد العكسي
في الأوطان وعلى الحدود، بما في ذلك التنافس وربما الصراع في المضمار الحضاري.
مقومات قيادة التغيير الناجحة:
بعد أن أوضح الباحث
المراحل الثلاث لتربية الشباب على ثقافة التغيير،
فإنه يطرح هنا المقومات التي يجب أن تتوفر في القيادة الشبابية
للتغيير، حيث تمثل هذه المقومات الثمرة الإيجابية لمرحلة الإعداد والتأهيل السابقة،
والقدرات التي يتمتع بها قادة التغيير، مما يضع لهم القبول عند الجماهير، ويكتب
النجاح لخطواتهم، وفي هذا يرى شكيب الجابري أن قيادة التغيير يجب أن تتميز بما يلي:
◘ المقدرة على الفهم العميق لسنن التغيير
وأساليبه.
◘ المقدرة على صياغة الرؤى.
◘ الاستقامة الضرورية لبناء الثقة والحصول على
تأييد التابعين، وتعبئة الالتزام.
◘ أهلية بناء الوضع الجديد، من إدخال التغيير
إلى نظم المنظومة، والالتزام الشخصي بالسلوك المطلوب.
◘ الاهتمام بالربط بين الأفكار وبين سلوك
الأتباع: (الطنطاوي،1997، 92-93).
ومن أجل صناعة هذه القيادة فلا بد من إحاطتها
بالرعاية الشاملة، والتي تتمثل في صور الرعاية التالية (الشيباني،1987):
الرعاية الصحية:
من خلال التثقيف الصحي
والتغذية السليمة، والاهتمام بالبيئة النظيفة،و بصحة الأم والطفل، والتربية الصحية
في المدارس، واختيار العمل المناسب لتكوينهم الجسمي والنفسي، ومحاربة عوامل الهدم
الصحي كالمخدرات والدخان والزنا وغيرها، ورعاية ذوي الحاجات من المعاقين الشباب،
والتدريب على الرعاية الصحية، والتدريب الجسمي العسكري.
الرعاية العقلية:
من خلال التعليم الإلزامي
المجاني، وتنويع التعليم الثانوي بين التعليم الأكاديمي والمهني، والكشف عن مواهبهم
وقدراتهم وتنميتها، وربط المناهج التعليمية بحاجات الشباب
والمجتمع والعصر، والاهتمام بالتربية العلمية والتقنية لتخريج العلماء، وبالأنشطة
اللاصفية، والاهتمام بالموهوبين والمتفوقين من الشباب،
والتخطيط لأنشطة أوقات الفراغ، وتوظيف الإعلام لتربية الشباب.
رعاية الذوق الفني والجمالي:
من خلال توفير البيئة
الفنية في البيت بالدهان الجميل والتصميم الجذاب، وكذلك البيئة المدرسية المزدانة
جدرانها بالرسومات الفنية والوسائل الإيضاحية، وضرورة إصلاح مناهج التربية الفنية
نظرياً وعملياً، وتشجيع الهوايات والمواهب الفنية، وإقامة المهرجانات والمعارض لهذا
الغرض، وإنشاء المدارس والمعاهد والكليات الفنية، وإعداد معلمي التربية الفنية بشكل
ممتاز، واهتمام المؤسسات المجتمعية بتشجيع الفن والذوق الجمالي بالمسابقات وإقامة
المسرح، وإصلاح الصحافة والإذاعة والتلفاز لتعرض الفن الراقي لا الفن الهابط.
الرعاية النفسية:
توفير البيئات التي تشجع
على النمو النفسي السليم والتكيف النفسي الصحيح، الاهتمام بالتربية السليمة للطفل
في سنيه الأولى، تكاتف عناصر البيئة المدرسية المختلفة من معلم ومنهاج ومباني
لتساهم في التكيف النفسي للتلاميذ،توفير الأجواء الاجتماعية الخالية من العنف
والمشكلات والأجواء السياسية التي توفر الحرية والعدل والعمل.
الرعاية الاجتماعية:
تدعيم الأسرة كمحضن هام
للتربية بالرعاية الصحية وتوفير المسكن الملائم، قيام المدرسة بدورها الاجتماعي من
التربية على الأخلاق الاجتماعية وممارسة الطلبة لها، والتخطيط الهادف لشغل أوقات
فراغ الشباب، وإعادة دور المسجد في البناء
الاجتماعي، وتوفير القدوة الحسنة للسلوك الاجتماعي، محاربة الميوعة والانحرافات بين
الشباب، اعتماد التربية العسكرية في المدارس
والجامعات، والإكثار من مراكز التدريب المهني.
الرعاية السياسية:
التربية الوطنية خلال
الأسرة للأطفال والشباب، دعم الدور التربوي السياسي
للمؤسسات التعليمية، تشجيع المؤسسات الأهلية والحكومية على ممارسة الانتخاب الحر
والشورى، إصلاح المنظمات السياسية والأحزاب لتقوم بدورها الصحيح في التربية
السياسية للشباب، توفير أجواء الحرية والعدل
والمشاركة السياسية من قبل الدولة، تخليص البلاد من التبعية السياسية والفكرية
للغرب والشرق.
الرعاية الروحية:
بناء الأسرة المسلمة التي
توفر البيئة الدينية الصالحة لأبنائها، تفعيل الدور التربوي للمناهج المدرسية لغرس
القيم الروحية، القضاء على ازدواجية التعليم التي تفرق بين التعليم الديني والمدني،
التزام المؤسسات المجتمعية بالقيم والآداب العامة، تفعيل دور المسجد في التربية
الروحية للشباب، ترشيد وسائل الإعلام لتساهم في
السمو الروحي للشباب.
توصيات عامة لتربية الشباب
على ثقافة التغيير:
اعتماد الدولة
لإستراتيجية تربوية لتربية الشباب على ثقافة
التغيير، تقوم على المراحل الثلاث السابقة.
تبني وزارة التربية
والتعليم للإستراتيجية السابقة، بتخصيص مواد دراسية لبناء وتدريب القيادات الشبابية
من بدايات مراحل التعليم الأساسي في خطوات متصاعدة للمراحل العليا والجامعية.
انفتاح القيادات
المجتمعية بكل صورها على الشباب لتوريثها التجربة،
وتوجيهها وصناعة قيادات شبابية جديدة، ويمكن أن يتم
ذلك من خلال الجامعات والمدارس والمنتديات الثقافية والمؤسسات الأهلية.
إتاحة الفرص للمشاركة
السياسية والميدانية لقيادات الشباب وإكسابهم
الخبرات العملية للتغيير.
تبني المجالس التشريعية
والنيابية لقانون الشباب، والذي يتيح لهم فرص
المشاركة في بناء المجتمع وصناعة التغيير، وصيانة حقوقهم وتوفير احتياجاتهم.
تصميم مقياس تربوي للكشف
المبكر عن الشباب المؤهل للقيادة في ميادينها
المختلفة، تستخدمه الأسرة والمدرسة والمسجد والجامعة وغيرها من المؤسسات الأهلية.
تخصيص مدارس وكليات
جامعية لتربية كوادر الشباب على ثقافة التغيير،
وربط المناهج النظرية بالتدريبات العملية الميدانية لتأهيل القيادات الشابة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المراجع
◘ ابن عبد البر (1994): جامع بيان
العلم وفضله، تحقيق: أبي الأشبال الزهيرى، الطبعة الأولى دار ابن الجوزي ـ
المملكة العربية السعودية البنا، حسن (1992): مجموعة الرسائل، دار
الطباعة والنشر الإسلامية، القاهرة، مصر البنك الدولي: تقرير التنمية في العالم
لعام 2007: التنمية والجيل التالي:
http://wbln18.wo
ldbank.og/MNA/AabicWeb.nsf.
◘ الجعب، نافذ (2006): منهج التغيير
الإسلامي، دراسة تطبيقية لمنهج التغيير في عهد عمر بن عبد العزيز،
ط1،منشورات آفاق، فلسطين، غزة.
◘ الجعب، نافذ (2010): دور الثقافة في
التنمية الشاملة للمجتمع الفلسطيني، المؤتمر السنوي الثاني لوزارة الثقافة
الفلسطينية "نحو نهضة ثقافية"، غزة، فلسطين.
◘ الجعب، نافذ (2011): دور الشباب
في عصر العولمة، وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، مديرية
التربية والتعليم –رفح، ورقة عمل مقدمة لمؤتمر الشباب
ثقافة الأمس وفكر المستقبل.
◘ الجعب، نافذ سليمان (2009): المتطلبات
التربوية للتنمية البشرية في قطاع غزة- رؤية من منظور إسلامي، رسالة
دكتوراه غير منشورة، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، مصر.
◘ الجمل، محمد كامل (2009): ملامح الخطاب
التربوي من خلال الأحاديث النبوية الموجهة للشباب
وكيفية الاستفادة منه في تعليمنا الفلسطيني المعاصر، رسالة ماجستير،
الجامعة الإسلامية، غزة.
◘ الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني،
2011.مسح الهجرة في الأراضي الفلسطينية، 2010.التقرير الرئيسي،
رام الله – فلسطين.
◘ الحمد، جواد (2011): دور الشباب
في التغيير، صحيفة السبيل اليومية، 22/5/2011.
◘ الدويش، محمد بن عبد الله (2001):
تربية الشباب؛ الأهداف والوسائل، الرياض،
المملكة العربية السعودية.
◘ السلوادي، حسن (2008): الثقافة
والتغيير في العالمين العربي والإسلامي: تحديات وفرص، جامعة القدس
المفتوحة للأبحاث والدراسات، ع14، فلسطين.
◘ الشنقيطي، الطيب أحمد (1429هـ): الأساليب
النبوية لتنمية القيم الإيمانية لدى الشباب المسلم
في ضوء التحديات المعاصرة، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، مكة
المكرمة، المملكة العربية السعودية.
◘ الشيباني، عمر (1987): الأسس
النفسية والتربوية لرعاية الشباب، الدار
العربية للكتاب، طرابلس، ليبيا، ط3.
◘ الصوفي، حمدان (2004): تصور تربوي مقترح
لمواجهة أخطار استخدام شبكة الانترنت لدى فئة الشباب،
المؤتمر التربوي الأول"التربية في فلسطين وتغيرات العصر"
(23-24/11/2004)، الجامعة الإسلامية بغزة، فلسطين.
◘ الطنطاوي، عبد الله (1997): منهج
الإصلاح والتغيير عند بديع الزمان النورسي، دار القلم والدار الشامية،
دمشق وبيروت، ط1.
◘ العيد، سليمان (1994): المنهج
النبوي في التربية الإيمانية للشباب، والاستفادة
منه في العصر الحاضر، موقع الألوكة، الموقع الشخصي لسليمان العيد.
www.alukah.net
◘ العيد، سليمان (2007): الحاجات
الدعوية للشباب، بحث مقدم للملتقى الأول
للدراسات الدعوية، موقع الألوكة، الموقع الشخصي لسليمان العيد.
www.alukah.net
◘ الغالي، أحرشاو (1993): الشباب
العربي والممارسة الثقافية المأمولة، شؤون عربية، ع 75، جامعة
الدول العربية، القاهرة، مصر.
◘ أبو دف، محمود و الأغا، محمد (2001):
التلوث الثقافي لدى الشباب في المجتمع الفلسطيني
ودور التربية في مواجهته، مجلة الجامعة الإسلامية، غزة، المجلد
التاسع – العدد الثاني.
◘ تقرير للجهاز المركزي للإحصاء
الفلسطيني الصادر بتاريخ 11-8-2011، بمناسبة اليوم العالمي للشباب
2011
◘ شبير، وليد شلاش (1989): مشكلات الشباب
والمنهج الإسلامي في علاجها-دراسة نظرية وميدانية، رسالة ماجستير منشورة،
مؤسسة الرسالة، بيروت،لبنان، ط1.
◘ شحاتة، حسن – النجار، زينب (2003):
معجم المصطلحات التربوية والنفسية، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط1.
◘ ضليمي، أحمد عبد الفتاح (١٤١٢ ه): تربية الشباب
في الإسلام، رسالة دكتوراه غير منشورة، الجامعة الإسلامية،
المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية.
◘ عرفات سليم المبيض (2006): ملامح
الشخصية الفلسطينية في أمثالها الشعبية، الهيئة المصرية العامة
للكتاب،القاهرة.
◘ علام، اعتماد (2003): الشباب
المتلقي بين ثقافة العولمة والثقافة العربية؛ رؤية تحليلية، مجلة فكر
وإبداع، ج18، رابطة الأدب الحديث، القاهرة، مصر.
◘ علوان، عبد الله ناصح (2006): الشباب
المسلم في مواجهة التحديات، دار السلام، القاهرة، مصر، ط1.
◘ علي بن عمر بادحدح: الشباب
بين الحماسة والكياسة، موقع إسلاميات، بتاريخ 3\4\2007م.
www.islameiat/mai.com
◘ فايد، عبد السلام (1986): تربية الشباب
في الفكر الإسلامي والعالمي المعاصر، مجلة التربية، جامعة الأزهر،
ع6، السنة الرابعة، القاهرة، مصر.
◘ محجوب، عباس (1406هـ ): مشكلات الشباب
الحلول المطروحة والحل الإسلامي، كتاب الأمة، وزارة الأوقاف والشئون
الإسلامية، الدوحة، قطر.
◘
مركز المعلومات الوطني الفلسطيني،
السلطة الوطنية الفلسطينية، الموقع الالكتروني.
www.pnic.gov.ps 2-2007
◘ يكن، فتحي (1979): الشباب
والتغيير، بيروت، مؤسسة الرسالة.
UNESCO (2004): UNESCO’s
commitment to Youth: The Youth foum,
|
- Blogger Comment
- Facebook Comment
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات:
إرسال تعليق