حق الطفل في الإسلام
تشكل الأسرة المسلمة نواة المجتمع المسلم، ويعكس أطفالها الأخلاق والمبادئ التي يتمّ تربيتهم عليها، حيث وضّح الإسلام حقوقاً لكلّ فرد، سواءً أكان رجلاً مسنّاً، أم امرأةً، أم طفلًا. وقد حرص الإسلام على رعاية حقوق الإنسان جميعاً، كيف لا والإسلام منهج رحيم بالبشريّة جمعاء منزّل من ربّ رحيم، وقد كان للأطفال الحظّ الوفير من هذه الحقوق التي أوجب الإسلام أن يحظوا بها، ويتناول هذا المقال بعضاً من هذه الحقوق وما يترتّب عليها.
إنّ للطفل حقوقاً على والديه كفلها له الإسلام، وشدّد على الوالدين العمل بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:"
مِنْ حَقِّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ إِذَا وُلِدَ، وَيُعَلِّمَهُ الْكِتَابَ إِذَا عَقَلَ، وَيُزَوِّجَهُ إِذَا أَدْرَكَ
"، رواه الألباني من حديث ضعيف.
وإنّ من أهمّ حقوق الطفل في الإسلام، ما يلي:
الحق في اختيار الأب للزوجة الصّالحة، لتكون أمّاً صالحةً له، واختيار الأمّ لرجل صالح، ليكون أباً صالحاً لابنها، فقد روي عن عمر رضي الله عنه:" أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَيْهِ بِابْنِهِ فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي هَذَا يَعُقُّنِي. فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِلِابْنِ: أَمَا تَخَافُ اللَّهَ فِي عُقُوقِ وَالِدِكَ، فَإِنَّ مِنْ حَقِّ الْوَالِدِ كَذَا، وَمِنْ حَقِّ الْوَالِدِ كَذَا، فَقَالَ الابْنُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَمَا لِلابْنِ عَلَى وَالِدِهِ حَقٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ حَقُّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَنْجِبَ أُمَّهُ. يَعْنِي لَا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً دَنِيئَةً لِكَيْلَا يَكُونَ لِلْابْنِ تَعْيِيرٌ بِهَا. قَالَ: وَحُسْنِ اسْمِهِ وَيُعَلِّمَهُ الْكِتَابَ.
فَقَالَ الابْنُ، فَوَاللَّهِ مَا يَكُونُ لِلْابْنِ تَعْيِيرٌ بِهَا. فَقَالَ الابْنُ، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَنْجَبَ أُمِّي، وَمَا هِيَ إِلَّا سِنْدِيَّةٌ اشْتَرَاهَا بِأَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلَا حَسَّنَ اسْمِي.
سَمَّانِي جَعْلًا ذَكَرَ الْخُفَّاشِ. وَلَا عَلَّمَنِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ آيَةً وَاحِدَةً. فَالْتَفَتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِلَى الْأَبِ وَقَالَ: تَقُولُ ابْنِي يَعُقُّنِي! فَقَدْ عَقَقْتَهُ قَبْلَ أَنْ يَعُقَّكَ. قُمْ عَنِّي سَمِعْتُ أَبِي , يَحْكِي عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْيَسْكَنْدِيِّ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ سَمَرْقَنْدَ، أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي ضَرَبَنِي وَأَوْجَعَنِي.
قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ الابْنُ يَضْرِبُ أَبَاهُ؟ ! قَالَ: نَعَمْ ضَرَبَنِي وَأَوْجَعَنِي. فَقَالَ: هَلْ عَلَّمْتَهُ الْأَدَبَ وَالْعِلْمَ؟ قَالَ: لَا: فَهَلْ عَلَّمْتَهُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ فَأَيَّ عَمَلٍ يَعْمَلُ؟ قَالَ الزِّرَاعَةَ. قَالَ: هَلْ عَلِمْتَ لِأَيِّ شَيْءٍ ضَرَبَكَ؟ قَالَ: لَا.
آيات عن حقوق الطفل
تنشئة الطفل اجتماعياً
قال الله تعالى:" وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى "، الواقعة/62، ويقال: نشأ فلان، والنّاشئ يراد به الشّاب، والإنشاء هو إيجاد الشّيء وترتيبه، وقال تعالى:"
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَار "، الملك/23.
إنّ من المفترض على كلّ مجتمع أن يقوم بحلّ ثلاث قضاياً هامّة وأساسيّة، وكلها تدور حول الأطفال، وهي: طرق رعايتهم، وترسيخ القواعد التي تتحكم في كيفيّة تفاعلهم مع الآخرين، ونقل المهارات والقيم من الكبار إليهم.
وقد واجهت المجتمعات مصاعباً متباينةً حول المطلب الأخير، حيث أنّها كانت تعتمد على عمليّة تعليم قائمة على أساس التفاعل الاجتماعي، والهدف الأساسيّ منها هو إكساب الطفل سلوكاً ومعاييراً تناسب أدواراً اجتماعيّةً معيّنةً، حتى يتمكّنوا بالتالي من مسايرة التوافق الاجتماعي والجماعة، أي تيسير اندماجهم في المجتمع، وإكسابهم الطابع الاجتماعي، وهذا ما يعرف بعمليّة التنشئة الاجتماعية، أو ما يسمّى أحياناً بعمليّة التطبيع الاجتماعي، وهي العمليّة التي يقوم من خلالها بتعلم كيف يصبح فرداً في أسرته، وعضواً فاعلاً في المجتمع، وهي عمليّة تعلم مستمرّة الهدف منها تنمية الإمكانيات التي ولدت مع الطفل، وفق معايير وأسس الجماعة التي ينتمي إليها.
والتنشئة الاجتماعيّة تعبتبر عمليّة تعلم اجتماعيّ، يقوم الفرد من خلالها بالتعلم عن طريق التفاعل الاجتماعي، سواءً أكان طفلاً أم بالغاً، ويكتسب من خلالها معاييراً اجتماعيّةً، واتجاهات نفسيّة، ويتعلم كيفيّة التّصرف من خلال طريقة يوافق عليها ويرتضيها المجتمع.
والتنشئة الاجتماعيّة طريقة يتمّ من خلالها تشكيل وتكوين سلوك الإنسان، من خلال إيجاد معايير، وقيم، ومهارات للافراد، يمكن تطبيقها وتنسيقها مع دورهم الاجتماعيّ، ولا تعدّ التنشئة الاجتماعيّة فقط عملية تعلم اجتماعيّ، بل هي كذلك عمليّة نموّ مستمرّ، يقوم من خلالها الأفراد بالنموّ من أطفال اعتماديين متمركزين حول ذواتهم، إلى أشخاص ناضجين وقادرين على إدراك معنى إيثار الذّات، ومعنى المسؤوليّة الاجتماعيّة.
وتعتمد التنشئة الاجتماعيّة على خاصيّة الاستمراريّة، فهذا الأمر لا يقتصر على مرحلة الطفولة، بل هي مرحلة مستمرّة للمراحل الأخرى مثل المراهقة والشّيخوخة، لأنّ الإنسان في هذه المراحل يبدأ بالانتماء إلى جماعات جديدة، ويقوم بتعديل سلوكيّاته، ويكتسب أنماطاً جديدةً في السّلوك، كما تعدّ عمليّة التنشئة الاجتماعيّة عمليّةً ديناميّةً، لأنّ الفرد يقوم من خلالها بالتفاعل مع من حوله من الافراد، في ضوء كلّ من المعايير، والأدوار الاجتماعيّة، ويضاف إلى ذلك مجموعة من العوامل التي تؤثّر على نموّ شخصيّة كلّ فرد، ومنها: الوراثة، والغدد، والغذاء، والنّضج، والتعلم. (4)
المراجع
|
- Blogger Comment
- Facebook Comment
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات:
إرسال تعليق